Home لبنانيات عن كيديات محاسبة العامل والأجير!
عن كيديات محاسبة العامل والأجير!

عن كيديات محاسبة العامل والأجير!

135
0

يواجه الأجير أو العامل اللبناني بشكل خاص، ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية قاسية لم يشهد عليها من قبل. فناهيك عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي تسيطر على لبنان، ورغم اضطراره للعمل في عدّة وظائف، وبساعات عمل إضافية فقط لكسب قوت يومه ولتأمين حياة عادية مستقرّة مستقبلياً، يتعرّض بعض الأجراء الجدد يوميّا
الى الإساءة بكلّ أنواعها، سواء أكان من ربّ العمل أم ممن هم أعلى منصباً منه.

فما هي الأسباب التي قد تدفع بالشركات والمؤسسات الكبرى -المتمثلّة برب العمل و من يمثّله -الى الإساءة والتّعرّض للأجير و الإنتقاص من قيمته و معاملته معاملة غير انسانية؟

تبدو أشكال الإساءة مألوفة لدى الكثيرين، فبعد شعور العامل بفرحة انضمامه للعمل الجديد، أو للشركة أو المؤسسة الجديدة، يخيب ظنّ العامل في الأيام الأولى. فتجد البعض يتفنّن في إهانة العامل أو الأجير بطرق مباشرة أو غير مباشرة سواء أكانوا ممن يمتلكون سلطة اصدار الأوامر أم كانوا من الزملاء العاملين.

فيقوم بعض الزملاء بالائتلاف والاتّحاد محاولين نبذ العامل الجديد وكأنّه عدوٌّ لدود. فيسعون جاهدين الى محاولة تهميشه وكسر كيانه وتحطيم دوره الفعّال. ونرى أيضاً، محاولات لضرب سمعة الأجير عن طريق تلفيق أخبار كاذبة عنه، أو عن عمله، لا بل اتّهامه من قبل
زملاء العمل بأنّه لا يقوم بواجباته كما يجب. أو أن له تصرّفات ومواقف سيّئة.

أو أنّه لا يتقبّل الملاحظات!! كل ذلك قد يكون خلاف الحقيقة ومن أجل استبعاده من العمل لأسباب غير مهنية وشخصية محضة. بالإضافة الى ذلك، يقوم بعض الحاقدين بالتّبليغ فوراً عن أي خطأ عادي ارتكبه العامل، ظنّا منه أنّ ذلك سيضيف الى رصيده المهني.


بحيث أنّك تجد، في الحقيقة، أنّهم كانوا هم أوّل من ارتكب أخطاءً أفظع منها بكثير، خصوصاً في بداية مسيراتهم المهنية.
فلماذا نختبأ وراء أصابعنا؟ هل جميع الإداريين من مدراء الموارد البشرية والمشرفين والمدراء التنفيذيين يقومون بواجبهم بشكل كامل وبأقصى طاقاتهم -كما يقوم بها العامل أو الموظف-ولا يخطئون أو يخفقون؟ هل جميعهم يمتلكون اتّزانا عقليا و نفسيّا؟
الجواب طبعاً لا. فأنتم لستم أنبياء على هذه الأرض! فكم من مدير للموارد البشرية تأخّر في دفع مستحقات الأجر للأجير رغم الوعود الكثيرة؟ وعندما يأتي العامل ليطالب بها، يصنّف أنّه مادّي وكل ما يهمه هو استلام راتبه! و كم من مسؤول اداري يعاني من الأمراض و الاضطرابات النفسية كالنّرجسي. يا للعجب! هل هذه العدالة على الأرض؟ للأسف لا. لأن الأجير بطبيعة الحال هو الطرف الأضعف في العقد.

ومن منظور آخر، هل يعلم أصحاب العمل ومن هم في المناصب الإدارية العليا فعلا حقيقة ما يجري خلف قضبان العمل مع الأجير؟ بالطبع لا. هم قد لا يعلمون ما يتعرّض له العامل الجديد من تنمّرٍ واستحقار وتهميشٍ. فلا يملك الأجير سوى السّكوت وتحمّل العناء خوفاً من خسارة عمله. فهو يعلم مدى الثّقة الكبيرة التي يتمتّع بها هؤلاء، ومازال هو، بعيداً عن اكتسابها خصوصاً في بداية عمله. وهو يعلم جيّداً حجم الأخطاء التي
يرتكبها هؤلاء بحق العمل لأنّه يرى! أو ما يُقال بحقّه من اساءات في غيابه لأنّه يسمع! لكنّه لا يملك سوى الصمود والسّكوت، حتى يأتي يوم استبعاده من العمل ويتم صرفه صرفاً تعسفيا لأسباب شخصيّة غير مقبولة.

هل هناك حلّاً لذلك؟ الجواب نعم. فقد أوجد القانون اللبناني محاكم خاصّة لهذه الغاية، تعرف باسم “مجالس العمل التحكيمية” مهمّتها حماية الطرف الأضعف في عقود العمل وتحصيل الحقوق والنّظر والفصل في النّزاعات النّاشئة عن عقود العمل الفردية بطرق سريعة ومعفاة من الرسوم. بحيث ليس هناك أي داعٍ للاستعانة بمحامٍ توفيراً على
الأجير من تحمّل الأتعاب المكلفة.

كثيراً ما يرافق تنفيذ عقود العمل الفردية خلاف بين أطرافها و نزاعات تتعلّق امّا بالأجور أو بساعات العمل أو غيرها من الخلافات المرتبطة بالعمل. اذ ينبغي على الأجير عدم السّكوت بتاتاً عن حقّه واللّجوء الى مجلس العمل التّحكيمي للمطالبة بحقوقه كافّة.


tags: