1. Home
  2. ولكن
  3. إيران .. وكوريغرافيا النفاق!
إيران .. وكوريغرافيا النفاق!

إيران .. وكوريغرافيا النفاق!

92
0

لم تكن إيران بحاجة كبيرة إلى حلول الذكرى الأولى لأحداث السابع من أكتوبر حتى يتم تقييم أدائها في التعامل مع حربي الإبادة اللتان نشبتا بعد تلك الاحداث. نفاق إيران ثابت لا يتغير في أزمنة السلم وفي أزمنة  الحرب لكن السابع من أكتوبر تحديدا كان بمثابة امتحان أشد وأقصى عليها وذلك لدقة وحساسية المعايير الأخلاقية التي حملها والتي جاءت طهران كالعادة بعيدة عنها بعد السماء عن الأرض. وإيران التي لا تكتفي بالنفاق كممارسة ذهبت هذه المرة إلى ابتداع “كوريغرافيا” خاصة بوقاحتها تلك في دور بدا من اللحظة الأولى أنه “مبهبط” عليها وفق التعبير اللبناني على نحو بدا معه أن سيناريوهات العجز والفشل والبكائيات وإقامة مجالس الندب واللطم أفضل بكثير لها من الإطلالة بمسرحية سمجة أو مسلسل ثقيل الدم لن تكون إيران قادرة على إخراج مشهده الأخير أو حلقته الأخيرة.

ذروة النفاق ما فعله مرشد إيران علي خامنئي قبل أيام.

حيث مثّلت إمامته لصلاة الجمعة بعد غياب خمس سنوات فرضتها التدابير الأمنية القاسية التي تلت اغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني تعبيرا واضحا عن إنجاز صك بيع طهران لحلفائها وأذرعها وميليشياتها وكل الخوف بأن لا يكون الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله آخرهم.

وقاحة الخطاب قالت للقاصي والداني بأن توقيع المرشد على صك البيع المذكور جرى في الغرفة الخلفية للمنبر الذي اعتلاه ليدلي بجملة افتراءات وتبليّات على الأوطان التي دمّرها بوقاحته قبل أن تكمل إسرائيل المهمة.

لم يذعن المرشد إلى كل من حماس وحزب الله بمواصلة “المقاومة” لولا تقرير مفصّل وصله من رئيس بلاده مسعود بازشكيان يفيد بنضوج طبخة الاتفاق النووي مع واشنطن وبالتالي قرب انعقاد المباحثات المباشرة، الحلم الذي ضحّت طهران بأبرز قادتها العسكريين وأبرز وجوه ورؤوس حلفائها لبلوغه.

حجم الأكاذيب التي تضخّها إيران على مدى الثانية الواحدة بات يربكها أكثر مما يريحها على تخطي المطبات والنكسات، فبسحر ساحر أصبح المرشد “المنقول إلى مكان آمن” وفق أكبر جنرالات إيران بعد نجاح إسرائيل في اغتيال نصر الله قادرًا على الظهور العلني والجماهيري.

خطوة تمثل بحدّ ذاتها سقطة على شيعة العالم مساءلة خامنئي عليها فإما أن تكون قائمة الأضاحي انتهت أو اقتربت من نهايتها فأطلّ الخامنئي مزهوًا أو أن الخامنئي صادق في عهوده ووعوده فاختار كسر القيود حتى لو كلّف الأمر بأن يكون هو الأضحية المقبلة!

لم يفتتح المرشد خطابه بتوجيه التحية إلى حركة أمل إلا لأخذ ما يريد من الشيعة العرب بسيف الحياء المغمّس بدماء الأبرياء. فبات واضحا للمرشد أن كرة اتهام إيران من قبل شيعة لبنان بخيانة السيد نصر الله أو بيعه تواصل تدحرجها فقدّم على الفور مشهدية توحي باحتواء تلك الانتفاضة لا بل والإمساك بكل المفاصل السياسية والمعنوية والفكرية لشيعة العالم!

الخطوة لا تقفل الطريق على رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل نبيه بري لمواصلة مساعيه الهادفة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق مسار ينهي الحرب وإنما تعني كل الشيعة العروبيين الذين ضاقوا ذرعا من سرقة إيران لقرارهم على مدى عقود.

وهذا سبب إضافي يعود ويُهدي الشيعة العرب فرصة ذهبية لإنهاء عقود النفاق الإيراني السوداء بقرارهم الحر ولاءاتهم المدوية.

منذ بداية الحرب الموسعة التي ورّط حزب الله بها كل لبنان سرى حديث  عن أن نتائجها المعنوية على الأقل لن تُرضي الحزب ولا رؤيته وعلى ما يبدو أن الصوت الشيعي الحر بات هو اللاعب الأبرز في مسرح السردية تلك.

الفرصة سانحة أكثر من السابق لشيعة لبنان ولكل الشيعة العرب لإسماع إيران شعارات انتمائهم إلى العروبة وإلى لبنان العربي ذي الحدود والسيادة والدستور والنشيد وهذه القناعات التي ينادي بها هؤلاء أصلا وحدها القادرة على تفكيك قبضة طهران على لبنان والمنطقة.

الأمر ليس بكبسة زر لأن أي مشروع وطني من هذا الحجم لا تحققه شعارات الدولة الفاضلة أو حتى شعارات محور الأساطير والخرافة لكنّ المقاومة السياسية والسيادية المستمرة والمتواصلة قادرة على إيجاد كوّة نور في جدار الظلم والظلام الإيراني.

لتكن أحداث السابع من أكتوبر التي نراجع في هذه الأيام تداعياتها المدمّرة على بلدنا وحجره وبشره آخر درس مُستفاد ننطلق بعدها جميعًا للاستظلال بخيمة الدولة وحدها.


tags: