
هل أخطأ دوناد ترمب بإستعجاله التصرف وكأنه حسم السباق الإنتخابي وبات الرئيس ال47 للولايات المتحدة؟ وهل أخطأ بإختيار جي دي فانس لحمل بطاقة نائب الرئيس وهو الذي لا يقدم إضافة إقتراعية؟ وكيف يمكن للحزب الجمهوري الذي توحد بقوة خلف ترمب، أن يعدل في حملته الإنتخابية التي بنيت على مواجهة جو بايدن، الذي خرج فعلياً من السباق إثر المناظرة مع ترمب وتتالي سقطاته مع بروز ضعف في قواه الذهنية بحيث بدا أن عالمه غير العالم الحقيقي ما جعل الكثير من القيادات تبتعد عنه تمسكاً بمواقعها؟
أنظار العام الآن على أميركا في كل شيء. الرئاسيات الأميركية هي محور الإهتمام العالمي لأن ما يليها هو “اليوم التالي” عالمياً، فماذا ستكون عليه الإتجاهات الأميركية مع نجاح ترمب أو وصول شخصية ديموقراطية كاريزماتيكية؟ إرتباطاً بهذه الإنتخابات وأثرها الخارجي الكبير سيبدأ البحث الجدي عن نظام عالمي محدد، بعد التفسخ الذي أصاب الوضع الدولي الذي أقامته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية، ورسخت أحاديتها بعد سقوط جدار برلين، طبعاً لفترة. وبالتأكيد لم يقم بعد النظام المتعدد الأقطاب رغم دعوات وضغوط بكين وموسكو. هناك أقطاب كبيرة وغياب النظام المرجو قيامه. واليوم على حسم هذا الوضع والإتجاهات التي سيأخذها، يتعلق مصير كل ما يحكى عنه من تسويات. وبالنسبة لنا أهل هذا الشرق المخيف، ستتحدد أكثر فأكثر ملامح النظام الإقليمي الجديد، وبالتالي أي شرقٍ أوسط جديد، هل هو أميركي، صيني ، روسي أو إسلامي. نفتح مزدوجين للإشارة إلى أن حرب التوحش الصهيوني على غزة وما رافقها من إبادة جماعية وإقتلاع للبشر الذين باتوا بدون سقف وأمام ترانسفير هو الأخطر، والحروب المواكبة لحرب غزة التي أطلقتها طهران، من جنوب لبنان ومن اليمن كما من العراق وسط “إستعصاء” جبهة الجولان السورية، كلها غير كافية لرسم معالم جديدة، والمنطقة تعيش زمن العجز عن التوصل إلى هدنة ووقف للنار منذ أكثر من 6 أشهر!
في عودة إلى أميركا، رضخ بايدن لضغوط قيادات حزبه الديموقراطي( أوباما، بيلوسي وشومر) والممولين، وخرج من السباق داعياً لدعم كمالا هاريس نائبة الرئيس لأن تصبح المرشحة الرسمية للحزب الديموقراطي، فيما هاريس ليست بعد المرشح الفعلي على رادار أفيال حزبها. هنا نشير إلى أن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم الذي يستعد لخوض الإنتخابات الرئاسية عام 2028 دعم ترشيح هاريس “العنيدة والقوية والتي لا تخاف”.. لكن نانسي بيلوسي وتشاك شومر وآخرين تجاهلوها، غير أن ما لفت الإنتباه هو ان الرئيس السابق أوباما صاحب النفوذ الحزبي الكبير الذي تجاهل هاريس،أبدى الثقة بحزبه لإرساء “عملية تسمح بظهور مرشح إستثنائي”، محذراً كل الديموقراطيين من أنهم “سيبحرون في منطقة مجهولة في الأيام المقبلة”.
الحديث بين الديموقراطيين يدور حول إمكانية ترشيح “حصان أسود” يملك الكاريزما والشعبية والأنظار على غريتشن ويتمر حاكمة ميتشغان التي حققت إنجازات في الولاية، وتُعدُّ قوية شعبياً ومحبوبة في المجتمع النسائي حيث “بيضة القبان” في الإنتخابات، إذ يعول عليها لقيادة الحزب الديموقراطي إلى الفوز في ميتشغن وبنسلفايا وربما ويسكنسون. هذه الولايات “المتأرجحة”هي التي ستحسم الرئاسة. ليس سراً إهتمام ترمب بهذه الولايات فهو نجا من الموت في بنسلفانيا وإنعقد مؤتمر الحزب الجمهوري في ويسكنسون، ومعارك ترمب ضد ويتمر حاكمة ميتشغن لم تتوقف!
وإلى واشنطن يتوجه مجرم الحرب نتنياهو للحديث أمام الكونغرس، وفي جدول أعماله لقاء مع بايدن وآخر مع ترمب. نتنياهو الذي أسقط كل تسويات الهدنة في غزة ويهدد بتوسيع الحرب على لبنان، مستغلاً عمى وعجز الممانعة وحزب الله تحديداً عن القراءة المتأنية للأبعاد الحقيقية لما آلت إليه حرب “طوفان الأقصى”، هل سيواجه بحزم من جانب البيت الأبيض بعد خروج ساكنه من السباق الرئاسي، وعدم تكبله بالضغوط المتأتية عن الحالة الإنتخابية؟ باق لبايدن في الرئاسة خمسة أشهر كاملة( حتى 20 كانون الثاني 2025) وبوسعه لو أراد فعل الكثير!