
رصاصات بنسلفانيا التي نجا منها ترمب بأعجوبة، وجهت الضربة القاضية لأحلام الديموقراطيين بالبقاء في البيت الأبيض. محاولة إغتيال ترمب أصابت سياسياً الرئيس بايدن، ومع القبضة المرفوعة وخيط من الدم على الوجه تحت العلم الأميركي لم يعد الحزب الديموقراطي بحاجة لتغيير المرشح الرئيس بايدن. يعرفون بالعمق أنه أياً كان المرشح والحملة الإنتخابية التي يمكن لهم تنظيمها، من المستحيل أن تهز صورة الفوز التي كرسها ترمب إثر نجاته. إنها صورة البطل التي إقتحمت بيوت الأميركيين ولا يمكن مقاومة إغراء بطولة الضحية الذي خرج من موتٍ محتم!
يشي الحدث بأن العنف تقدم كثيراً في المجتمع الأميركي وطغى الإحتقان الكبير على كل ما عداه، بين الجمهوريين والديموقراطيين، وقد تتخذ الصدامات أشكالاً مختلفة، والسؤال هل تندرج في الثقافة السياسية سابقة أن يعلن رئيس للجمهورية (بايدن) أن خصمه (ترمب) “لن يصل إلى البيت الأبيض إلاّ على جثتي”! هنا نفتح مزدوجين لللإشارة أنه قبل 6 أشهر قال الصحفي الأميركي تاكر كارلسون: “فعلوا كل شيء لإيقاف ترمب ولم يتبقى إلاّ إغتياله”! فمنحته محاولة الإغتيال الفرصة لإرتداء ثوب الضحية! أووف كيف تنهال الضربات على رأس بايدن التي إتسعت ثقوب ذاكرته ويعاند ويعاند!
الأحاديث بأن المرتكب يعاني من وضع نفسي وغير متزن، تنسفها الوقائع. محاولة الإغتيال تمت من على بعد نحو 125 متراً وهذا مستوى لا يقوم به إلاّ قناص حصل على مستوى رفيع من التدريب، ومستحيل أن تكون القصة أنه يكره ترمب صحى من النوم وذهب ليقتل الرئيس السابق. من المبكر الحسم في هذه الأمور والجهات الأمنيىة الأميركية تبحث عمن هم شركاء له. لكن الأنظار الآن على مؤتمر الحزب الجمهوري في الأسبوع المقبل الذي سيتوج ترمب مرشحه للرئاسة ليكون الرئيس ال47 للولايات المتحدة. وفي المؤتمر المذكور، وفي أميركا، يعلمون أنه لو أجريت الإنتخابات الرئاسية اليوم فإن الموجة الحمراء ستصيب معاقل الديموقراطيين في مجلسي الكونغرس والحكام، فآخر الإحصاءات منحت ترمب تأييد 69% من الأميركيين. وحتى بعد نحوٍ من 90 يوماً على موعد الإنتخابات، فإنه مهما تعدلت الصورة فالموجة آتية، ووفق الوعود المعلنة ستشهد أميركا تغييرات كبيرة سيقوم بها ترمب فور عودته إلى البيت الأبيض.
وبعد، رصاصات بنسلفانيا التي أصابت حظوظ بايدن وتكاد تكون مزقتها، رفعت من أسهم مجرم الحرب نتنياهو، الذي سيكابر ويتصلب أكثر فأكثر، وقد باتت النتيجة الحقيقية ل”طوفان الأقصى” إعادة إحتلال العدو لكل قطاع غزة وأقفلت الحدود مع مصر مدخله إلى العالم، والأفظع أن العالم بأنظمته وساسته يتفرج على أخطر إبادة بشرية، ويتفرج على أخطر مشروع ترانسفير آتٍ لا محالة! ببساطة مئات الألوف من الفلسطينيين الذين لا سقف يأويهم ولا يجدون قوت يومهم، سيجد الكثير منهم منافذ الخروج إلى المنافي، وهذا هو بالعمق الحلم الإسرائيلي بالإنتهاء من هذه الكثافة الفلسطينية في غزة! نجا محمد الضيف مرة أخرى وقهر الموت وتجددت أسطورة الشبح والبطولة، لكن يصح في وضع الأسطورة الفلسطينية ما يقال في عمليات جراحية كبرى: نجحت العملية ومات المريض!
وتصلب نتنياهو هذا الشخص المقيت الكريه، سيكون أشد على لبنان، الذي أخذه حزب الله إلى حربٍ مدمرة رغما عن أنف أهله ولاسيما أبناء الجنوب الذين سكابدون الأهوال نتيجة هذه السياسة الرعناء! يا عزيزي هذه إيران تقلب الصفحات، وتتأنى وتدرس الإحتمالات، وتقدم للعالم مسعود بزكشيان رئيساً، فيكرر خطب الوزير الضاحك ظريف. إنها تسعى لإستيعاب إعصار ترمب، الرجل الذي إتخذ قرار قتل قاسم سليماني ونفذه وهو الذي غيّر خرائط المنطقة.. فماذا ينتظر حزب الله و”إسناده” لغزة لم يمنع إعادة إحتلالها كاملة؟ و”المشاغلة” دمرت جنوب الليطاني؟ وماذا ستفعل حكومة الدمى التي أدمن رئيسها على ترداد ما يضعه حزب الله في فمه؟ وماذا سيفعل المتذاكي في رئاسة البرلمان، المرتاح لقيادة يمكن وصف ركيزتها بأنها “السلاح يحمي الفساد الذي يحمي السلاح”، فينفذ أخطر سياسة بإختطاف مجلس النواب وإلغاء دوره؟ وهل بعد بوسع “معارضة” نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي الخروج من دور المعارضة الصوتية السمجة؟
أول الحكمة، أول الشجاعة، حماية الأرواح والأرض وقطع الطريق على المخطط الإجرامي الصهيوني الذي يتحين الفرص لوضع يده على بلادنا. نعم هناك أحلام إجرامية بزرع مستوطنات في الجنوب ويروجون لربط غزة بالأرز. إستيقظوا!
..وعن الأمل
بالذهاب إلى بدء كسر هذه المعادلات
مع “حركة سياسية قيد التأسيس”
اللقاء الذي دعت إليه “حركة قيد التأسيس ..حتى نأسسها سوا”، إنعقد عصر أمس في محلة جسر الواطي وحضره ما يزيد عن 150 شخصاً، أتوا من خلفيات مختلفة وتجارب مختلفة وطغى الحضور الشاب، بينهم وجوه خيّرة عُرفت بعد 17 تشرين، كما شهد حضور قلة من المتسلقين لا تفوتهم مثل هذه المناسبات.
لكن الحدث، بالحضور وما تخلله، بدا بالغ الأهمية. لم يقدم حزباً جاهزاً جاهزاً ولا تسمية له، بل إن الجماعة التي إشتغلت وحضّرت مشكورة، قالت بالفم الملآن لكل أصحاب المصلحة بالتغيير، والذين يرون أن لبنان آخراً ما زال ممكناً، تعالوا نتجمع قبضة واحدة لا تنكسر. تعالوا نطلق العهد والوعد. العهد بأن لا نترك الساحات نقاتل مع أهلنا وشعبنا من أجل حقوق ثابتة؛ بالعيش الآمن وبالحرية والكرامة وإنهاء الإنتهاكات. والوعد بأن نبني معاً أفضل أداة كفاحية منظمة للدفاع عن الناس والبلد، ولتحقيق الممكن وهو إنهاء الخلل الوطني بموازين القوى، ونتقدم خطوة كبيرة على طريق قيام “الكتلة التاريخية” العابرة للمناطق والطوائف، القادرة على بلورة البديل السياسي، عن أخطر تحالف ضم عصبة أشرار، دمرت البلد وإستأسدت على أهله مرة تحت رعاية جيش الإحتلال السوري وأخرى تحت تسلط بندقية حزب الله اللاشرعية!
عن حق قيل في اللقاء إن حدث 25 كانون الثاني ممكن أن يتكرر ومثله 15 آذار. وحتما 17 تشرين ستنهض ونحن بين حالين:
الأول هو الإنتظار وبالتأكيد النق وترويج الإحباط.
والثاني هو المبادرة والتنظيم. المبادرة في الساحات والتنظيم الحزبي السياسي، وإخترنا الحال الثاني.
ووضع اللقاء روزنامة محددة: اليوم أطلقنا النداء وسنة كاملة من اليوم لإطلاق التنظيم السياسي الجديد.
هلموا!