درك خطير جنحت إليه القوى الممانعة وبعض جماعات الإسلام السياسي في تعليقها على “الرد الايراني” على قصف اسرائيل للقنصلية الايرانية في العاصمة السورية دمشق وأخطر ما في خطوة هؤلاء إصرارهم على ارتكاب حماقة عن سبق إصرار وترصد!
يقول المراقبون إن حالة الفراغ وغياب الموقف العربي الحازم والرادع حيال ارتكابات اسرائيل في غزة وما أدت إليه الأمور من توسع لرقعة الصراع جعل الممانعة ومعها تنظيمات الاسلام السياسي تتمسك يأية قشّة قادرة على استنهاض الروح المعنوية عوض تعميم حالة الانهزام والخسارة، لكن هذه القوى التي تلهب حناجرها ليل نهار تروج لدهائها السياسي تعرف تماما أن كل حسابات إيران مزورة ومجافية للحقيقة.
والتعليق هنا ليس على عناصر التمثيلية الرديئة التي كان يمكن لطهران اخراج ما هو أجمل منها وهي المعروفة بتميزها السينمائي والدرامي في العقدين الأخرين وإنما على نتائج هذا الرد التي جاءت جميعها من مصلحة اسرائيل!
فقد أكدت تلك العملية أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نتنيايو كان أكثر المتلهفين لها حتى يجمع المجلس الحربي المصغر وربما بعده الكنيسيت للضحك كثيرا احتفالا بنجاته من ويلات ووحول الداخل الاسرائيلي التي كان غارقا فيها حتى قبل دقائق من إعلان طهران عن تنفيذ العملية!
نجا نتنياهو وتحوّل الى مظلوم مستحق لكل الدعم الغربي دون إغفال ما قد يخرج به مجلس الأمن الدولي من حالة إنكار لواقع ما قبل الرد الايراني على قاعدة التخفيف الإضافي والتدرجي من وجود قضية قطاع غزة وعبارات التعاطف الانساني مع أهله من أوراق وكلمات ومداخلات وتوصيات ذلك المجلس ووجوهه.
نتيجة سيحوّلها نتنياهو الى اليافطة الحارقة والخارقة والمتفجرة التي سيقنع من خلالها أهالي المحتجزين لدى حماس بضرورة تمديد أمد المعركة وتطويرها الى منحى أكثر عنفا وبالتالي فإن المشهد الغزاوي قد لا يكون بعيدا خلال الايام القليلة المقبلة من عودة المجازر الدموية ومجيء رفح بالتالي واحدا من أبوابها العريضة.
دون أن ننسى أن أهم ما في نتائج الرد الايراني ذلك تسلّح حكومة الحرب الاسرائيلية بالمزيد من المناعة السياسية والشعبية التي ستخفف عن كاهل نتنياهو الكثير من ضغوطات الإدارة الأميركية عليه والتي كانت الى حدود كبيرة عاملاً لاجمًا “للتجزير الحر”الذي أراد الرجل تعميم حالته لإنقاذ حياته ومستقبله السياسي.
من الردود الجاهزة لأهل الممانعة حيال كل تلك النتائج الكارثية المترتبة على ردّ إيران أن الهلع الاسرائيلي وضوضائه بعد العملية طرب يتقدّم على التحليل السياسي، أما أنين الشعب المذبوح والمقتول والجائع والمشرد في غزة منذ أكثر من ستة أشهر فمجرد صورة من صور الصبر والمصابرة!
يا لها من حماقة وقحة وشرسة قالت من خلالها ايران للغزيين: “موتوا بصمت فثمة حسابات ومصالح يجب أن تمر مهما كلفت من دماء ودمار وجوع واضطرابات في المنطقة”!
لم يؤذ أي طرف غزة منذ السابع من أوكتوبر كما فعلت إيران مرة بنفاقها ومرات بنفاق أذرعها ومريديها والمطبلين لجرائمها الاستراتيجية!