Home من بيروت البر والاحسان.. يوم تكسّرت أقفال الجهل من أجل بيروت – بقلم الدكتور عمر الفاروق النخال
البر والاحسان.. يوم تكسّرت أقفال الجهل من أجل بيروت – بقلم الدكتور عمر الفاروق النخال

البر والاحسان.. يوم تكسّرت أقفال الجهل من أجل بيروت – بقلم الدكتور عمر الفاروق النخال

149
0

التنقّل ما بين الماضي والحاضر والمستقبل بانسيابية الزمن وثبات أصالته وتميّز إنجازاته، مشوار لا يدركه سوى المتعالون على كل ما في إسفلت الدنيا من مصالح أو أنانيات كرمى لعيون طالبي العلم والتقدم والعمل لقاء كرامة تقف عند أعتابها الدنيا وما فيها.

فكيف إن اجتمعت كلّ هذه العزّة وكلّ هذا  الإيثار على أرض عاصمة العروبة بيروت الحبيبة .. هنا تصبح التحديات أكبر ويتحول العطاء مشهدية منافسة لعاصمة أعطت عبر الزمن أكثر مما أخذت ووفت أكثر مما خُذلت ومدّت يد الخير أكثر مما طُعنت!

أسسٌ متينة وقواعد مسطّرة بحبر الخُلُق نادت ذات زمن حضاري مفعم بالانتفاح والتلاقي والحوار من يسكنها .. فكانت البرّ والاحسان .. وكان وقفها .. وكان القرار النهضوي بأن تُرسّخ وبأن تُزرع الرؤى والأفكار بإيمان وولاء قبل تشييد الصروح والبنيان.

 الصروح والبنيان ..  التي تعلو وتكبر وتتوسع بعد ثمانية وثمانين عامًا ناثرة في مناطق العاصمة وجنباتها وفي جبل لبنان الأشمّ وطرابلس الفيحاء والبقاع العزيز الغالي عبق الأوائل، وروح المؤسسين الذين نثروا بتفانيهم وبصولاتهم وجولاتهم رسائل الأمل ورروا حكايات الإشراق عن مدينة فيها مساحات مضيئة رغم ورش التوسّع وويلات الحروب الكبيرة والصغيرة وأوبئة الانقسامات الرهيبة التي سقطت جميعها ورفرف فوق تلال الخراب والدمار والرماد علم الإرادة والتصميم والبقاء.

وقف البر والاحسان، فكرة أرست مفهوم الإنسان المؤسساتي، وبرهة حضارية كسّرت أقفال الجهل ونهج أصيل صافي أصغى للناس واستمع وأشركهم في تحديات النجاح وكتب أسماءهم بفخر  على صدر صفحات المحطات والاستحقاقات مسرورًا بحصاد سنابل الذهب التي تلمع في لبنان وكل العالم.

وقف البرّ والإحسان، رصيده الناس فقط، وعملته المدارس والجامعات والكليات والمكتبات والمراكز والبحث والارشاد لأن المجتمع الذي آمن به يستحق ولأن الحاملين وسامه على الصدور يستحقون ولان النجاحات التي حققتها مؤسساته تستحق .. ولأن مدينة العلم والحضارة والتنوع والانفتاح والرقي عاصمتنا بيروت تستحق.

ثمانية وثمانون عاما من البر والاحسان .. تعني شهادات سلّحت شبابنا بالأمل قبل العلم.

ثمانية وثمانون عاما من البر والاحسان .. تعني دموع الامهات الفرحة بأجيال تحمل وتتسلم المسؤوليات وتصول وتجوب العالم مهيمنة على مقاعد التميز.

ثمانية وثمانون عاما من البر والاحسان .. تعني الصمود والاصرار والانتصار على كل مكائد الشر وترّهات الكذب والبهتان.

أيها الحضور الكريم

 سيمرّ الماضي لبُرهات مباركة  بوقفات وشهادات وإضاءات.. إلاّ أن الحاضر والمستقبل يستصرخنا للتفكير بمدينتنا كما فكّر البر والاحسان بها .

فعن هذا المنبر الحضاري، منبر جامعة بيروت العربية، هذه دعوة للتمسك بمؤسسات بيروت أكثر من أي وقت مضى وإبعادها عن كل ما يمكن المساس بأهميتها وفعاليتها وأدوارها النهضوية المضيئة من أجل بقائها قبلة العلم والثقافة والرقي والنموذج الفريد في المنطقة.

مطلوب منّا جميعًا أن نتلاقى أكثر على حبها ونصرتها والدفاع عنها بكلّ ما أوتينا من صدق لنبقى نبعث عبر مؤسساتها وأبرزها البرّ والإحسان رسائل الانتماء الصافية فهي المظلة والملاذ والسقف الذي يقينا عواصف الزمن وبها وبمؤسساتها ومعهما البرّ والإحسان نبني الإنسان في مجتمعنا.

* نص الكلمة الافتتاحية للدكتور عمر الفاروق النخال في احتفالية 88 عاما من البر والاحسان في جامعة بيروت العربية 


tags: