
تصفُّح حساباتها سفر الى الحنين وتنقل ما بين فوح وفوح، فوح البحر وفوح البيوت القديمة الدافئة رغم كل العواصف التي مرت على عاصمة بقيت ملونة رغم رماد الويلات والحروب الكبيرة والصغيرة.
إنها ست العواصم بيروت التي تستعيدها الفنانة التشكيلية البيروتية المقيمة في الولايات المتحدة لميا اللبّان بنفس جمالي قل نظيره مع ما يواكب هذا النفس الابداعي من ألوان تضيء على العاصمة كما هي بشفافيتها وأناقتها وبساطة بيوتها وناسها كأنه الزمن الجميل ككل يُستعاد بالألوان وكأنها الذكريات المدونة والمكتوبة والمسموعة تطل من التفاصيل لتنطق وتروي التاريخ البيروتي العريق بوجوه أبطاله الحقيقيين.
تنشر رسوماتها واعمالها عبر منصتي فايسبوك وانتسغرام مذيلة إياها بالقصة التي لا تقل ابداعا هي الأخرى لناحية الروعة السردية القادرة على نقل كوريغرافيا البيوت والمناطق والفصول مجتمعة فتمثل غالبية رسوماتها يوما بيروتيا كاملا مع ما يحويه من انعكاس لألوان الشروق والغروب على البيوت والشرفات المزدانة بزراريع الفي مع إيلاء اهتمام فني كبير لأصغر التفاصيل التي تستعيد تفاصيل موضة الرجال والنساء والشباب والاطفال في ذلك الزمن البيروتي الغابر.
تعلق اللبّان بعاصمتها يجيئنا في رسوماتها مرويًا بأسماء شخصيات مألوفة على مسمع كل بيروتي نهل من جده او جدته أحاديث عاصمة تغيّر أسلوب يومياتها لكنّ تفاعلها مع ماضيها بقي كما هو يصيغ مشهدها الثقافي بكافة اشكال الفنون واعمال لميا اللبان في هذا الاطار نموذج يُحتذى.
كل ما سمعه البيروتي يجده، بدءا من صبحية النساء البيروتيات مرورا بمراسم وتقاليد النفاس وأجواء العيد الصغير والكبير وصولا إلى كل التفاصيل المتعلقة بأسلوب حياة العائلة البيروتية وتقديرها للكبير قبل الصغير مع وجوه تشبه وجوه جداتنا وأجدادنا وأمهاتنا وآبائنا على نحو يجعل كل الثغور تضحك وتبتسم وتجبر كل الحواس أن تتنهد تنهيدة العودة الى ماض ذهبي لا يعود الا بتقديره واعادة انتاجه، الى العديد من الوقفات النقدية التي تحاكي في مناسبات عديدة محطات آنية سياسية أو أمنية أو اجتماعية.
تستحق لميا أمام هذه الأعمال المبدعة ان تسمى بسفيرة بيروت الملونة لما تشعه رسوماتها من أمل بمدينة يقتلها ساستها ويلونها أبناؤها رغم بُعدهم بألوان الحنين والشوق واللقاء القريب.