Home لبنانيات الأزمة الاقتصادية المستفحلة تستهلك قدرة الأسر اللبنانية على الصمود
الأزمة الاقتصادية المستفحلة تستهلك قدرة الأسر اللبنانية على الصمود

الأزمة الاقتصادية المستفحلة تستهلك قدرة الأسر اللبنانية على الصمود

9
0

تتفاقم معاناة اللبنانيين بشكل واضح لا سيما مع استمرار انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار وانكماش الاقتصاد الوطني وتدهور القدرة الشرائية لرواتبهم، ناهيك عن الغلاء الفاحش الذي طال مختلف السلع الغذائية والحيوية وارتفاع معدلات التضخم حيث يعكس جنون الارتفاعات هذه مدى عمق الأزمة وحجم المآسي التي يواجهها المواطنون في تأمين مُتطلبات ومُستلزمات حياتهم اليومية. وفي هذا الإطار، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، من خطورة استمرار استنزاف قدرة العائلات اللبنانية على الصمود أمام تلبية الاحتياجات الأساسية للأطفال في خضم ما تشهده البلاد من أزمة اقتصادية واجتماعية. وقد أظهر المسح الجديد الذي قامت بإجرائه المنظمة أنّ الأسر في لبنان بالكاد تستطيع تلبية احتياجاتها الاساسية على الرغم من خفضها للنفقات بشكل كبير، الأمر الذي يُجبر عدد متزايد من الأسر إلى اللجوء إلى إرسال أطفالها- بعضهم لا يتجاوز الست سنوات – للعمل في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة في ظلّ الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تجتاح البلاد.

التقرير الذي استند إلى أحدث تقييم سريع أجرته اليونيسف حول مستوى عيش الأطفال في لبنان، أظهر أنّ حوالي 9 من كل 10 أسر لا تملك ما يكفي من المال لشراء الضروريات، مما يجبرها على اللجوء إلى تدابير قاسية للتعامل مع الأزمة. وبالتفاصيل لفت التقرير إلى أنّ 15 في المئة من الأسر أوقفت تعليم أطفالها، مسجّلة بذلك إرتفاعاً من 10 في المئة قبل عام واحد. كما خفّضت 52 في المئة من إنفاقها على التعليم، مقارنة بنسبة 38 في المئة قبل عام. أيضاً، خفّضت ثلاثة أرباع الأسر الإنفاق على العلاج الصحي ، مقارنة ب 6 من كل 10 في العام الماضي. في حين اضطرت اثنتان من كل خمس أسر إلى بيع ممتلكاتها، بعد أن كانت أسرة واحدة فقط من كل خمس تفعل ذلك في العام الماضي. وقد اضطرت أكثر من أسرة واحدة من بين كل 10 أسر إلى إرسال الأطفال إلى العمل كوسيلة للتكيف مع الأزمات العديدة، مع ارتفاع هذا الرقم إلى ما يقرب أسرة واحدة من بين كل أربع من أسر النازحين السوريين أرسلت أطفالها الى العمل. وعلى الرغم من كل تدابير التأقلم اليائسة المعتمدة، تعجز أسر عديدة عن تحمّل تكاليف ما تحتاج إليه من طعام من حيث الكمية والنوعية، بالإضافة إلى عجزها تحمّل نفقات الحصول على العلاج الصحي.

ومن ناحية ثانية، قام العديد من مقدّمي الرعاية بالتعبير عن معاناتهم – جراء الوضع الميؤوس منه- من ضغوطات هائلة، نتج عنها مشاعر غضب تجاه أطفالهم، إذ نتيجة لذلك، شعر ستة من كل عشرة من هؤلاء بالحاجة الماسّة الى الصراخ على اطفالهم، وشعر إثنان من كل عشرة بحنقٍ شديد كاد يؤدي الى إستخدام الضرب ضدّ أطفالهم في الأسبوعين الماضيين من إجراء الاستطلاع. هذا وتسبّبت التوترات المُتصاعدة، إلى جانب الحرمان، في أضرار فادحة في صحة الأطفال النفسية. بحيث قال سبعة من كل عشرة من مقدمي الرعاية أنّ اطفالهم بدوا قلقين، متوترين ومضطربين. والنصف تقريباً قالوا إنَ اطفالهم بدوا حزينين للغاية أو لديهم شعور بالإكتئاب بشكل متكرر.

نتائج استبيان المنظمة الدولية عكست صورة دراماتيكية للحالة التي يعيشها اللبنانيون مع استمرار تفاقم الأزمة للسنة الرابعة على التوالي، مع ما يترتّب على ذلك من عواقب وخيمة على الأطفال. كما أنّ ازدياد الثغرات في النظام الوطني للحماية الاجتماعية ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، لا سيما التعليم والصحة، زادت من صعوبة مواجهة الأسر للأزمة. لذلك، حثّت اليونيسف في الختام، الحكومة اللبنانية على الإسراع في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي وُضعت مؤخراً، والتي تتضمن خططاً لتقديم المنح الاجتماعية لمن هم في أمس الحاجة إليها، بما في ذلك الأسر الأكثر ضعفاً وتلك التي تربي أطفالاً. كما دعت الحكومة على الاستثمار في التعليم من خلال الاصلاحات والسياسات الوطنية لضمان حصول جميع الأطفال – وخاصة الأكثر ضعفاً منهم – على تعليم شامل وعالي الجودة.