Home ولكن عن قصر عدل لقمان .. ومحكمة سلمى مرشاق!
عن قصر عدل لقمان .. ومحكمة سلمى مرشاق!

عن قصر عدل لقمان .. ومحكمة سلمى مرشاق!

62
0


كرّست جريمة اغتيال المفكر والباحث السياسي المخضرم لقمان سليم بالشكل الشنيع والمُرعب الذي جاءت فيه قبل عامين كل اللبنانيين شهداء للإرهاب الفكري المهيمن على كل نواحي حياتهم وصولا حتى إلى أرواحهم بإعطاء هذا الإرهاب الفكري صورة واضحة عن ما ستكون عليه مصائر كل المطالبين بلجم فائض القوة والسلاح عند حزب الله المتهم الأول بتنفيذ هذه الجريمة ردًا على إطلالات إعلامية لسليم أكد من خلالها بالوقائع بأن أطنان النيترات التي تسببت بمجزرة المرفأ في الرابع من آب/ أغسطس ٢٠٢٠ تعود إليه.

كل جريمة لقمان سليم في معطياته تلك رأي علمي قائم على مجموعة أبحاث دقيقة واتصالات عالية المستوى أثبتت قناعة معروفة ومؤكدة عند كل اللبنانيين منذ اللحظة الأولى لوقوع التفجير الإجرامي لكن سليم إختار كما كل اللبنانيين أن يلحق الكذّاب إلى بابه، لكنّ العقلية الدموية إختارت قتل حامل الدليل قبل قراءته حتى فكان ما كان.

دُفن لقمان سليم وفاضت روحه الحرة في مهب عدالة مخنوقة ومأزومة يجلس القاتل عند قوسها مصمما الأحكام والاتهامات كما يريد هو وليس كما يريد العقل والمنطق وأبسط القواعد الحقوقية والقضائية مزيلاً بذلك كل خشبة خلاص يمكن التعويل عليها لإحقاق الحق وتسمية قاتل أكثر من مئتي لبناني توّجهم اغتيال سليم على قاعدة أن الأسئلة الزائدة عن تفجير المرفأ يعني استمرار مسلسل الجريمة والرعب!

رُغم حالة الرعب التي طغت على أجواء ما بعد الجريمة، إلا أن حزب الله خرج من معركته ضد الحقيقة وضد آلام اللبنانيين خاسرا وغير موفق على مستوى اختياره الإرهاب الفكري رصاصة صامتة في رأس وصدر الحقيقة نظرًا إلى تفجير الجريمة براكين لا حصر لها من السخط والرفض داخل البيئة الشيعية التي انتمى إليها سليم محاولا بفكره وعلمه إحداث صدمة نوعية تُرسي كيانا جريئًا للتنوع والاختلاف والمقاومة الفكرية القائمة على الحوار والنقاش والحبر والتأليف والبحث.

رعب الجريمة وفداحة صورة سليم المغدور في سيارته على أرض الجنوب اللبناني “المحمي” بعيون الحزب الساهرة سرعان ما بددها التفاعل الراقي الذي تبعها من عائلة الشهيد أولاً التي قدّمت دروسا في العض على الجراح وافتداء نهج الحرية والانفتاح بالأرواح وصولا إلى الصعود القياسي في المواقف الرافضة لسياسات الحزب من قبل أكبر وأهم وأبرز القامات الدينية والروحية لدى الطائفة الشيعية الكريمة ومرورًا طبعا بمواقف آراء الناشطين الشيعة المستقلين وغير المحسوبين على دائرته الممانعة!

ما يتذكره اللبنانيون بعد عامين ليس الجريمة بقدر ما هو إيثار والدة الشهيد الدكتورة سلمى مرشاق التي اختصرت برسائلها العميقة إلى بيئة الحزب آلافا مؤلفة من أبحاث الفلسفة السياسية معريّة ذلك الحزب بأنه أول المصابين جراء اغتياله لابنها بالمعنى السياسي والمعنوي والأخلاقي فجعلت من دارتها قبلة للمجتمع اللبناني والدولي الذي عاين من أمام ضريح سليم فداحة ما تعيشه حرية الفكر والرأي والتعبير في لبنان!

كل الأمل أن يكون الحزب قد اقتنع بعد عامين أن لا عباءة سياسية ولا عباءة دينية ولا عباءة منطقية استطاعت تغطية جريمة اغتيال لقمان سليم وهذه إشارات يجب أن تعيد توجيه دوائره إلى خيارات بعيدة عن خيار الإرهاب الفكري الذي لم يصمد كثيرا أمام المحضر الاتهامي الراقي الصادر عن أنقى قصر عدل كائن في دارة آل سليم وقائم على أساسات حرّة في جنبات راقية من الضاحية الجنوبية لبيروت التي تستحق هي أيضا تنشّق الحرية!


tags: