
نعود اليوم إلى القرن الخامس، فبعد أن تحكم النبلاء بلبنان انهارت القوانين والشرائع بسلسلة من القرارت التي نصرت الظالم وخذلت المظلوم. تلاشت أركان الدولة اللبنانية بكل قطاعاتها وساد الصمت شوارع بيروت أم الشرائع. تحكم قانون ساكسونيا بالحجر والبشر وبتنا نقترب من قندهار فوضى، جوع، عوز وتفلت أمني.
بتعريف سريع لقانون ساكسونيا وهي ولاية ألمانية ازدهرت فيها التجارة بفضل الطبقة الكادحة من عامّة الشعب الفقراء الذين كانوا يعملون تحت إمرة طبقة النبلاء الأغنياء المالكين لكل شيئ. قام مُشرّعون من طبقة النُبلاء الأغنياء بوضع قانون خاص يحكم مجتمع ولاية ((ساكسونيا)) وكان يُعاقِب اللصوص والمجرمين من كِلا الطبقتين، عامة الشعب الفقراء والنبلاء الأغنياء دون تمييز بينهم، ولكن ” مع اختلاف طريقة تنفيذ العقوبة “.
كيف يتم تنفيد العقاب ؟
بطريقة غريبة وغير منصفة. فإذا ارتكب أحد من العامة جريمة تقطع رقبته واذا أرتكبها أحد من النبلاء تقطع رقبة ظله (في حال كانت جريمة قتل) ، وغير ذلك يتم معاقبة العامة في كل الجرائم أما النبلاء فيتم الاكتفاء بجلد ظلهم أو مشابه. أي أن الفقير يحاكم وتقطع رقبته والغنى يحاكم وتقطع رقبة ظله فقط.
بعد هذا الشرح من الواضح أن ساكسونيا يطبق بحذافره في لبنان، فطبقة النبلاء المستجدة تستنزق مقدرات الدولة والشعب يعاقب ويحرم منها. يتناحر الساسة بين بعضهم ويدخل الشعب بدوامة المواجهة والعنف السملح، فتسفك الدماء وينهش الفقراء لحم بعضهم أمام أعين القادة وكأننا في العصر الروماني في حلبة مصارعة واسعة لاختيار “الغلادييتر” (المحارب) الأفضل.
أصبح قانون ساكسونيا مضرب مثل للعدالة الزائفة أو الوهمية أو الشكلية، وأيضا عبرة للفجوة الكبيرة بين الطبقات الثرية التى تفلت بجرائمها والفقيرة التى تدفع ثمنا باهظا لفقرها تماماكما يحصل اليوم بين القضاة في لبنان، فقاض معكتف عن الملف يصدر بحق قاض يحقق بنفس الملف لمنع سفره مع إخلاء سبيل جميع الموقوفين الذي اغتن أحده فرصة السفر خارج البلاد هربا من العدالة.
المشهد اللبناني ينحدر، والمخاض عسير، الأور تتجه نحو المجهول وقندهار عاصمة الاغتيالات في أفغانستان تكاد تغزو لبنان البلد المثقل بالازمات. بحسب ما كشف التاريخ أن الذي يملك زمام الأمن في قندهار، عاصمة أفغانستان التاريخية، فإنه سيكون بمقدوره أن يحكم سيطرته على باقي الدولة. أما في لبنان لا يمتلك أحد صفة القيادة والحكمة.
فمنين نجيب الصبر ؟ الله اعلم …