Home رياضة كريستيانو والرياض .. ثقافة الاستثمار في رصيد الانتصار
كريستيانو والرياض .. ثقافة الاستثمار في رصيد الانتصار

كريستيانو والرياض .. ثقافة الاستثمار في رصيد الانتصار

215
0

في كتابه رأس المال، يقول آدم سميث، “إن الفرق بين رجل الأعمال والمواطن الموظف، أن الأول يجعل الأموال تجلب له أموالا من خلال الاستثمار، فتراه يربح وهو نائم”، هذا عكس الرجل العادي، الذي لا يحصل على النقود إلا من خلال العمل، وهذا بالتحديد ما فعله النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو طيلة حياته، إذ استمر بجني الأموال، سواء كان مستيقظا أو نائما.

استلهم النجم البرتغالي رونالدو فكرة المال والأعمال في وقت مبكر، إذ جاءت ولادته في بلدة فونشال الواقعة ضمن جزيرة ماديرا بالمحيط الأطلسي، والمشهورة عند الصيادين بالدلافين وعنبر الحيتان، والمعروفة بفواكه البابايا والأناناس وقصب السكر، والمتميزة بموائدها الفاخرة على الشواطئ الذهبية، الذي يغري السياح أبرزهم تشارلز الأول آخر أباطرة النمسا، بجانب رئيس وزراء المملكة المتحدة ونستون تشرشل، كل تلك الثقافات المتعددة عبر تاريخ الجزيرة صنعت لاحقا من كريستيانو رجلا متكاملا صاحب أفق بعيد، أسهمت إنجازاته في شهرة بلغت نحو 528 مليون متابع عبر انستجرام، وبحسب شركة التسويق “إتش كيو هوبر” فإن تكلفة المنشور الواحد عبر المنصة يبلغ 1.16 مليون دولار.

بعد أن سجل رونالدو الركلة الترجيحية الحاسمة أمام أتليتكو مدريد، مايو 2016 ضمن نهائي دوري أبطال أوروبا، اتجه على متن طائرته الخاصة إلى ماديرا، لكي يفتتح سلسلة فنادقه “فئة 4 نجوم”، التي تحمل أو حرفين من اسمه ورقم قميصه “بيستانا سي آر 7”، وخلال ستة أعوام أنشأ خمسة فروع، أولهم بمسقط رأسه في فونشال والثاني وسط لشبونة ثم مدريد الإسبانية ونيويورك الأمريكية وأخيرا مراكش المغربية، التي افتتح فيها فرعه الجديد 2022 بسعة 174 غرفة نالت فخامتها ترشيح المجلس العالمي للسفر والسياحة كأفضل فندق إفريقي. ولإضفاء لمسة جميلة، فإنه يطلق مسميات كروية بحتة على بعض الغرف والقاعات، مثل غرفة ركلة البداية، وأيضا يسمح لزوار الفندق بتناول نوعية الأطعمة الصحية نفسها، التي يتناولها من أجل وزن مثالي، بينما يعتزم الرجل البالغ من العمر 37 عاما افتتاح فروع جديدة في باريس ومانشستر مع أسعار تراوح لليلة الواحدة من 700- 1800 ريال سعودي. من الفنادق إلى اليخوت.

لم يتخل الدون رونالدو عن العقلية الاستثمارية، فبعد تتويجه بالدوري الإيطالي مع يوفنتوس، اشترى صيف 2021 يختا فاخرا يبلغ طوله 47 مترا، ويضم ست كبائن وجناحا رئيسا ومسبحا وجاكوزي وصالة رياضية مع إطلالات بحرية بانورامية، حيث صمم اليخت خارجيا استوديو ستيفانو ناتوشي أما داخليا فصممه فرانسوا زيرتي، فيما كشفت صحيفة “ديلي ميلي” البريطانية وقتها أن ثمنه وصل إلى ستة ملايين يورو، وظن كثيرون أن ذلك من أجل متعة اللاعب الشخصية في أوقات فراغه، قبل أن تمضي الأيام ويعرض للإيجار الأسبوعي مقابل 220 ألف دولار في الأسبوع، ليحظى المركب العائم بحفلات الأثرياء من الأوروبيين والآسيويين حتى ساعات الصباح الأولى، وهو التوقيت نفسه الذي يستيقظ فيه المهاجم الفذ استعدادا لبدء التدريبات الرياضية الخاصة مع مدربه الشخصي، وليس هذا فحسب، بل استثمر عشق الإيطاليين للمخبوزات فافتتح متجرا في تورينيو ومركزا طبيا متخصصا في زراعة الشعر وجعل المشروع تحت إدارة شريكته جورجينا رودريجيز.

“بزنس” كريستيانو رونالدو، وعمله خلال العقد الماضي، جعل لعلامته التجارية ثمنا في السوق العالمية، وبتوسعه في استثمارات أخرى مثل الملابس الداخلية والعطور والأحذية، والشراكات التي أجراها مع شركات أخرى، أوصلت في النهاية قيمة علامته التجارية إلى 500 مليون دولار كأحد الرياضيين على كوكب الأرض -بحسب تقدير موقع ويلثي جوريلا- وهو نجاح تجاوز لاعبين كبارا تخصصوا في مجال المال والأعمال، على سبيل المثال النجم الإنجليزي السابق ديفيد بيكام المعروف بصاحب العقلية الاقتصادية الرفيعة، والذي تناهز ثروته حاليا 450 مليون دولار.

حين يوقع كريستيانو عقدا احترافيا، فهذا لا يتوقف عند المستطيل الأخضر والأهداف والجوائز العالمية، فالأمر أكثر شمولية من ذلك ومكاسبه الاقتصادية ضخمة، فحين انضم إلى نادي يوفنتوس في 2018، ارتفعت أسهم الفريق الإيطالي لتتجاوز المليار يورو للمرة الأولى منذ 17 عاما، فضلا عن أن انضمام النجم العالمي لأي ناد، يعني أن هذا النادي قام بمجرد التوقيع على حملة ترويجية كبيرة، نظرا لشعبية رونالدو، إضافة إلى رواج بيع قمصان الفريق الذي يعد مصدر دخل مهما للأندية، وكل ذلك يدركه اللاعب المخضرم ويحدد على أساسه قيمة ما يتقاضاه.

هذا تكرر أيضا بعد توقيعه مع النصر السعودي، في صفقة بلغت 200 مليون يورو في الموسم الواحد، في عقد يمتد حتى 2025 بحسب صحيفة “ماركا” الإسبانية، ورغم ضخامة الرقم من وجهة نظر البعض، لكن ما حدث في خلال 24 ساعة من التوقيع يكشف أن الأمر ليس كذلك، فالقيمة التسويقية للنصر ارتفعت 34 في المائة، أما قمصان النادي فبيعت منه 500 نسخة بقيمة 229 ألف ريال خلال ساعة واحدة بجانب الطوابير التي اصطفت لتطلب قميص رونالدو، ومن جانب آخر حصد النصر أكثر من خمسة ملايين متابع وشوهدت تغريدة الإعلان الرسمي من نحو 70 مليونا ونحو 200 ألف ريتويت خلال 48 ساعة فقط، ويكفي أن عدد الراغبين بشراء تذكرة دخول استقبال النجم في مرسول بارك تجاوز 100 ألف شخص.

مسيرة رونالدو كرجل أعمال

كشف عنها في حوار سابق له حين قال أريد أن أكون أفضل رجل أعمال في التاريخ، كما كنت أفضل لاعب في العالم. وهو ما دفع مجلة “فوربس” منتصف 2020، إلى تتويج الدولي البرتغالي كأول لاعب كرة قدم وثالث رياضي يدخل نادي المليار دولار بفضل أرباحه الكروية خلال مسيرته المهنية 75 في المائة مصدرها رواتبه الشهرية، ويبقى السؤال: هل سيكتفي الدون في الرياض بالنظر كل ساعة إلى تنامي قيمة أرباحه، أم لا يزال الوحش الجائع نفسه الذي يريد النصر مع النصر في كل مباراة؟