القاضي طارق بيطار في خطر، والتهديد الذي تلقاه من وفيق صفا هو الحدث، الذي كان ينبغي أن يهز وزير العدل خوري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى عبود، ونقابة المحامين في بيروت وطرابلس، وكل من تعز عليه العدالة، والساعي من أجل استقلالية القضاء، وإنهاء زمن كان فيه المرتكب يفعل فعلته الإجرامية ولا يحاسب لأنه فوق القانون!
الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ وبيروت مستهدفة بفجور استثنائي، من الجهة التي قررت من البداية رفضها للتحقيق، والإكتفاء بالتحقيق الأمني الأولي، وأنه لا حاجة للعدلية، وأن القصة مجرد تعويضات تتولاها شركات التأمين!
العدالة للضحايا وللمتضررين ولبيروت ولبنان مطلوب رأسها، ومحاسبة المدعى عليهم ممنوعة لأنها قد تكشف عن الحقيقة في جريمة العصر ضد الانسانية. حقيقة من استقدم شحنة الموت، وسيناريو الحجز والمصادرة والتخزين والحراسة كل هذه السنوات، ومن ثم سحب أطنان منها وتفجير المتبقي لتدمير قلب بيروت العاصمة، التي لن تنسى بل ستحاسب مهما طال الزمن، وهي وأهلها وكل سكانها يرون بأم العين حجم تحالف القتلة ضد الحقيقة والعدالة، وحجم الصمت على استهداف قاضي التحقيق العدلي والتهديد ب”قبعه”!
ما كشفه مراسل “ا لبي سي إدمون ساسين عن تهديد حزب الله بلسان المسؤول الأمني وفيق صفا ليس إخباراً عادياً! التهديد جاء فيه :”واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني وإذا ما مشي الحال رح نقبعك”.. وقد نشر ساسين أن بيطار رد على الرسالة بالقول: “فداه بيمون كيف ما كانت التطييرة منو”! إنه التهديد الأخطر الذي يتطلب أولاً ثورة في القضاء لحماية القاضي وصون ما يقوم به، ويتطلب الأمر هبة شعبية دفاعاً عن بيطار وعن مسار العدالة وعن حلم اللبنانيين أن جريمة تفجير خيولي بحجم جريمة المرفأ لن تسجل ضد مجهول، وأن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى!
التهديد بتطيير بيطار تزامن مع تأكيد وجود “غرفة عمليات” سياسية – قضائية وقانونية استأجرت خدمات جهات تعمل ع الطلب والفاتورة، من أجل إطاحة قاضي التحقيق وتنحيته عن ملف التحقيق.. وفيما ترك حزب الله التهديد يتفاعل تأكدت معطيات أن هذا التهديد وصل إلى بيطار بعد زيارة قام بها صفا إلى قصر العدل، حيث التقى رئيس مجلس القضاء سهيل عبود والنائب العام التمييزي غسان عويدات وربما آخرين، وهو حدث وصفته الأوساط القضائية أنه ذروة في التدخل بشأن القضاء!
بالتزامن واصل بيطار نهجه وحدد مواعيد استجواب علي حسن خليل، غازي زعيتر ونهاد مشنوق في 30 الجاري والأول من تشرين الأول، وسط معطيات كثيرة عن اتجاه لدى المدعى عليهم بالقضية بتهمة جناية “القصد الإحتمالي” بالقتل، واستناداً إلى نصائح “غرفة العمليات”، إلى تقديم دعوى “ارتياب مشروع” أو “رد” لفرض كف يد القاضي طارق بيطار!
هذه القضية الأكبر في تاريخ البلد وبعدما انكشف كل المستور عن دور الطبقة السياسية التابعة المرتهنة وكذلك تورط جهات قضائية بالدفاع عن المدعى عليهم كما في حالة غسان خوري( مدعى عليه من نقابة المحامين بالارتياب المشروع لتغييره) الذي اتخذ أمس خطوة إحالة التبليغ للمدعى عليهم إلى المجلس النيابي لاستنزاف الوقت..هذه القضية يتم بحث بشأنها، لجهة توقيع مرسوم دورة استثنائية لمجلس النواب، ما يوفر استمرار الحصانة النيابية للمدعى عليهم، وبالتالي تهريبهم من الملاحقة القضائية.. هذه القضية الخطرة ستكون على الأرجح على مائدة اللقاء الذي سيجمع الجمعة الرئيس الفرنسي ماكرون برئيس الحكومة نجيب ميقاتي! فماذا سيقول النجيب؟ وهل سيصارح “عراب” حكومته أن العدالة للشعب اللبناني ممنوعة، والعدالة في جريمة تفجير المرفأ والإبادة الجماعية ممنوعة؟..الأمل كبير بتحرك واسع للجالية اللبنانية في باريس توازياً مع الزيارة، كما بأن يكون التحرك الشعبي يوم الجمعة أمام قصر العدل في بيروت، بحجم آمال الناس بالحقيقة ورفضهم هذا الفجور، ومن أجل حماية مسار العدالة، الذي تألب ضده كل كواسر الطغمة السياسية الفاجرة الناهبة والقاتلة، والتقى معهم دويلة حزب الله وكل الأوساط الطائفية الحاقدة، التي انكشفت، ولم تهتم، في دفاعها عن المدعى عليهم بالمسؤولية عن الجريمة، فيما تصم آذانها عن حقوق الموجوعين وهم أكثرية اللبنانيين!
كل ما حدث على المستوى الرسمي القضائي اقتصر على طلب من عويدات إلى بيطار بوضع تقرير بما حدث يرسله إليه خلال 24 ساعة “لفتح تحقيق للتثبت من الأمر”(..) وميدانياً تظاهر أهالي الضحايا أمام منزل القاضي غسان خوري مطالبين بتنحيته بعد اتهامه بالإنحياز لمصلحة المدعى عليهم وكانت المفاجأة التي شاهدها الناس على وسائل التواصل أن حماية القاضي المذكور يقوم بها بعض البلطجية الذين اعتدوا على أمهات وشقيقات الضحايا!