Home لبنانيات سقف الرواتب في دولة المافيا 50 دولار
سقف الرواتب في دولة المافيا 50 دولار

سقف الرواتب في دولة المافيا 50 دولار

213
0

من طوابير الذل أمام محطات الوقود والماراتون اليومي للمواطن بين الصيدليات بحثاً عن دواء، إلى الزيادة الحادة على أسعار الفحوصات المخبرية، ودوماً أمام إذلال الكارتل المصرفي للمودعين والمضي في تحميلهم العبء الأكبر من الخسائر الناجمة عن نهب البلد وإفقاره، وانهيار كل القطاعات الخدماتية، لا يرف جفن الجهات الممسكة بقرار البلد والجاثمة على صدور الناس، ولن يسمع أحد من منظومة الحكم الفاسد المجرم استغاثة د. فراس أبيض( مدير مستشفى الحريري الحكومي) الذي حذّر هذا الصباح من أن “قلة قليلة من المحظيين هم قادرون الآن على تحمل تكاليف الرعاية الصحية. أما الباقون فسيحصلون على رعاية مجتزأة، أو لا شيء على الإطلاق”!
هذا الصباح بات الحد الأدنى للأجور يعادل 50 دولاراً فقط! وبالتالي المحظوظ من العامة من مواطنينا هو الذي لديه راتب شهري، لأنه سيكون لديه فرصة الحصول على يالتمون لأيام قليلة، وبقية الشهر عليه أن يربط لسانه وتنام أسرته على الطوى! الأهم ممنوع يمرض، وممنوع عليه مجرد التفكير بالانتقال ولو مرة بالأسبوع من منطقة لأخرى فلن يتحمل التكلفة. هذا وضع تعيشه الآن فئات باتت تشكل الأكثرية بيننا، والأكيد أن جدران البيوت تئن من الوجع هذه الأيام! أيام “العهد القوي”، وأيام حكم حزب “الانتصارات الالهية”، وأيام حكم تسلط تحالف الإجرام الذي ضمّ ميليشيات الحرب والمال، ليتكون عن ذلك أخطر حكم مافياوي، يغطي الفساد ويمنع ملاحقة الفاسدين، ويمعن في ازدراء مطالب المواطنين، ويبقي الأبواب موصدة على أي حل، ومطمئن لنهج استتباع البلد وعزله رغم كل التداعيات التي نجمت عن ذلك، لأن الحلول بالنهاية ستطال من أجرم بحق اللبنانيين!


ولعل الدور الذي يقوم به المجلس النيابي هذه الأيام، تحت عنوان إيجاد قانون كابيتال كونترول هو خير تعبير عن منحى ازدراء الناس. إنهم يتباهون بقانون يراد منه حماية لوبي المصارف من دعاوى المودعين السابقة واللاحقة. إنهم سلطة تشريع الإجرام الذي يمنع مساءلة ومحاسبة البنوك والإصرار على نهج “عفى الله عما مضى”..إنها سلطة توسيع الحصانات لتشمل كارتل مصرفي من المرابين شركاء منظومة الفساد!
في المنطق، أكيد كل مراوحة فيها شيء من الانكسار والرضوخ والقبول والسكون والمهادنة هزيمة، والسؤال ما العمل؟ فاهل الحكم في ملهاة التأليف وآجال ذلك مفتوحة وفق ما اعلنه نصرالله الذي نبّه من إعطاء أي مهلة أو موعد إعلان الحكومة وهو الأعرف لأن الضوء الأخضر في المرحلة الراهنة بيد طهران دون سواها، وفي مثل هذا الوضع تستمر حكايات جبروت جبران السياسية، فالصهر قال كلمته يريد حصة حكومية تضاف إلى حصة رئيس الجمهورية ويستمر بحجب الثقة عن الحكومة إن تم الإفراج عنها! إذن يريد القبض على قرار الحكومي والمعارضة الفوقية في آنٍ معاً. يريد مغانم الحكم وتحميل الآخرين وزر الانهيارات، وهذا دأبهم جميعاً فبالأمس أدب نصرالله الطبقة السياسية التابعة العاجزة في كل الملفات، متناسياً انه فرض “حليفه” رئيساً وهو الجهة التي شكلت حكومة دياب ويمتلك أكثرية نيابية، وكل الآخرين لا يعارضوه! ويعود السؤال يطرح نفسه ما العمل وإلى متى هذه المهانة وهذا الامعان في انتهاك الكرامات؟
هناك تحالف حاكم لا يرى أمامه المعارضة الجدية، ولا يقيم وزناً للأصوات المتفرقة من هنا وهناك، ولا تقلقه محاولات ومساعٍ جبهوية من بعض الجهات والوجوه من طامحين ومتسلقين، فكل محاولاتهم طيلة الأشهر الماضية لم تبدل من الواقع قيد أنملة، وربما منحت المتسلطين المزيد من الطمأنينة أن الحساب متعثر..هذا الوضع ينبغي إدراكه جيداً لرسم البدائل التي يمكن أن تبدأ باحتجاجات بسيطة حول أي عنوان، لكنها تساعد على استعادة الناس للفضاء العام، الأمر الذي قد يرسل إشارات أولية تصعب مهمة إعادة تدوير تحالف المافيا المتسلطة..لكن البديل الوحيد مع تطييف النقابات والتكيف الحزبي المصلحي والطائفي، الذهاب إلى إطلاق عملٍ سياسي أفقي منظم. البلد بحاجة ماسة اليوم إلى ما هو أكثر من تيار سياسي، أي التزام برنامج سياسي تغييري، وفي نفس الوقت لا يبلور قوة اللبنانيين أي محاولة لتجديد الصيغ الحزبية الهرمية التي تختزل رأي الناس وإرادتها ورغباتها وتطلعاتها..لقد انتهى زمن القوالب الجامدة. الأشكال الجديدة من التنظيم التي تبنى أفقياً يمكن أن تكون اللبنة الأولى للدفع نحو قيام جبهة سياسية حقيقية للمعارضة تحمل برنامج التغيير وتبلور البديل السياسي، لأنه من المستحيل التفكير بانتشال البلد بدون جبهة حقيقية تضع على رأس أولوياتها مهمة استعادة الدولة المخطوفة بالفساد والسلاح، تتحمل المسؤولية الكاملة حيال الناس والبلد وأوليتها الشأن العام!


tags: